الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
المراد بأهل القبلة من يصلي إلى القبلة وهم كل من ينتسب إلى الإسلام. وقد انقسم أهل القبلة في آيات الصفات وأحاديثها إلى ست طوائف: طائفتان قالوا: تُجرى على ظاهرها. وطائفتان قالوا: تُجرى على خلاف ظاهرها. وطائفتان واقفتان. فالطائفتان الذين قالوا : تُجرى على ظاهرها هم: 1. 1. طائفة المشبهة الذين جعلوها من جنس صفات المخلوقين ومذهبهم باطل أنكره عليهم السلف. 2. 2. طائفة السلف الذين أجروها على ظاهرها اللائق بالله عز وجل ومذهبهم هو الصواب المقطوع به لدلالة الكتاب، والسنة، والعقل عليه دلالة ظاهرة إما قطعية، وإما ظنية، كما تقدم دليل وجوبها وصحتها في البابين الثالث والرابع. والفرق بين هاتين الطائفتين، أن الأولى تقول بالتشبيه، والثانية تنكره. فإن قال المشبه في علم الله ونزوله ويده مثلًا: أنا لا أعقل من العلم والنزول، واليد إلا مثل ما يكون للمخلوقين من ذلك. فجوابه من وجوه: الأول: أن العقل، والسمع قد دل كل منهما على مباينة الخالق للمخلوق في جميع صفاته، فصفات الخالق تليق به، وصفات المخلوق تليق به، فمن أدلة السمع على مباينة الخالق للمخلوق قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] ومن أدلة العقل أن يقال: كيف يكون الخالق الكامل من جميع الوجوه، الذي الكمال من لوازم ذاته، وهو معطي الكمال مشابهًا للمخلوق الناقص، الذي النقص من لوازم ذاته، وهو مفتقر إلى من يكمله؟! الثاني: أن يقال له: ألست تعقل لله ذاتًا لا تشبه ذات المخلوقين؟ فسيقول : بلى. فيقال له: فلتعقل إذًا أن لله صفات لا تشبه صفات المخلوقين، فإن القول في الصفات كالقول في الذات، ومن فرق بينهما فقد تناقض. الثالث: أن يقال: نحن نشاهد من صفات المخلوقات صفات اتفقت في أسمائها، وتباينت في كيفيتها فليست يد الإنسان كيد الحيوان الآخر فإذا جاز اختلاف الكيفية في صفات المخلوقات مع اتحادها في الاسم فاختلاف ذلك بين صفات الخالق والمخلوق من باب أولى، بل التباين بين صفات الخالق والمخلوق واجب كما تقدم. وأما الطائفتان الذين قالوا: تُجرى على خلاف ظاهرها، وأنكروا أن يكون لله صفات ثبوتية، أو أنكروا بعض الصفات، أو أثبتوا الأحوال دون الصفات فهم: 1. 1. أهل التأويل من الجهمية وغيرهم الذين أولوا نصوص الصفات إلى معان عينوها كتأويل اليد بالنعمة، والاستواء بالاستيلاء ونحو ذلك. 2. 2. أهل التجهيل المفوضة الذين قالوا: الله أعلم بما أراد بنصوص الصفات، لكننا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية له تعالى: وهذا القول متناقض فإن قولهم: " نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية له" يناقض التفويض، لأن حقيقة التفويض أن لا يحكم المفوض بنفي ولا إثبات وهذا ظاهر. والفرق بين هاتين الطائفتين: أن الأولى أثبتوا لنصوص الصفات معنى لكنه خلاف ظاهرها، وأما الثانية فيفوضون ذلك إلى الله من غير إثبات معنى، مع قولهم: (إنه لا يراد من تلك النصوص إثبات صفة لله عز وجل). وأما الطائفتان الذين توقفوا فهم: 1. 1. طائفة جوزوا أن يكون المراد بنصوص الصفات إثبات صفة تليق بالله، وأن لا يكون المراد ذلك، وهؤلاء كثير من الفقهاء وغيرهم. 2. 2. طائفة أعرضوا بقلوبهم وألسنتهم عن هذا كله ولم يزيدوا على قراءة القرآن والحديث. والفرق بين هذه الطائفة والتي قبلها: أن الأولى تحكم بتجويز الأمرين: الإثبات وعدمه، وأما الثانية، فلا تحكم بشيء أبدًا. والله أعلم.
|